بين يدي سبتمبر المجيد
بين يدي سبتمبر المجيد
إعلام المقاومة الشعبية : خاص
عقدان من النضال الوطني الخالص والكفاح المستميت من أجل الحرية، سبقا بزوغ فجر السادس والعشرين من سبتمبر 1962 .
ذلك النضال والكفاح والباعث للتضحيات العظيمة التي قدمت قرباناً على طريق الحرية والخلاص، لم يكن الدافع له الرغبة في الوصول إلى كرسي الحكم أو حب السلطة وشهوة الملك والسلطان، وإنما كانت وعياً جمعياً ناضجاً بضرورة الخلاص من سطوة الكهنوت والتحرر من سياط الاستبداد وكسر قيود التخلف والرجعية المقيتة.
بالجزم والقطع، فإن ثورة السادس والعشرين من سبتمبر لم تكن انقلاباً سياسياً، ولا ثورةً نمطيةً لتغيير رأس السلطة ورجالها، وإنما كانت حالة متقدمة من الفعل التحرري لشعب ذاق بكامله مرارة الإذلال وقهر الاستعباد وصنوف الاضطهاد، الذي بلغ حداً لا يطاق ومدى لا يمكن تحمله.
لقد عانى الشعب اليمني في مطلع القرن المنصرم من جبروت الاستعمار وظلمه في الجنوب، لكنه عانى ويلات الإمامة بنظامها العنصري الظلامي المتخلف والمستبد أضعاف ما وجده من الاستعمار الأجنبي؛ ولذلك كانت الثورة السبتمبرية مقدمة الثورات اليمنية، وباكورة الانعتاق والحرية، والبوابة المشرعة إلى العهد الجمهوري المنشود.
جولات من الصراع المر والمواجهة الصعبة خاضها قادتنا الأحرار الذين مهدوا لتفجير ثورة أيلول المجيدة إذ عاشوا منعطفاتها وتحدياتها بكل بسالة وصمود وبكل قوة وثبات لأنهم تسلحوا بالرؤية الواضحة والعقيدة الراسخة والشجاعة المشهودة، رؤية واضحة تقضي بأن الخضوع للكهنوت والفكر الإمامي الرجعي الطائفي العنصري البغيض ردة على قيم الإسلام وروحه الحنيف، رؤية تقضي بأن التعايش مع الفكر السلالي الكهنوتي ضرب من المستحيل لأن ذلك الفكر يرى في أقلية منحرفة أبناء الله وأحباءه بينما بقية المجتمع عبيداً لهم ولسادتهم العنصريين، رؤية واضحة حقيقتها أن الشعب اليمني العظيم الذي أسس حضارات العالم وكان مهداً لرسالات السماء لا يمكن أن يؤخذ بالحيلة أو يستدرج بالخرافة، وأن عزته تُهدُّ لها الجبال هدا، وأن بأسه يتساقط له الطغيان عدا، فهو ذو قوة وذو بأس شديد.
لم يثر الشعب اليمني في 1962 إلا عن وعي ودراية وإدراك أنه يُمتحن في حريته وكرامته وانتمائه الوطني، فكان راسخ العقيدة خالص المقاصد وهو يقاتل الملكيين ومن حالفهم دفاعاً عن ثورته وجمهوريته الفتية، فلم يستطيعوا وأد الثورة أو اغتيال الحلم، وظل شعبنا يجالد ذوداً عن حلم الجمهورية ومشروع الدولة سنوات طويلة وعقوداً ممتدة وصولاً إلى يومنا الحاضر ومعركتنا الحالية .
حق علينا ونحن نعيش ذكرى سبتمبر المجيد أن نتذكر بفخار منقطع النظير تضحيات وصمود وبطولات ثوار السادس والعشرين من سبتمبر الذي برزوا لمقارعة الإمامة أفراداً وجماعات متجردين من كل مصلحة سوى مصلحة الوطن متحللين من كل ارتباط أو تبعية سوى الارتباط بالوطن والتبعية له، متحررين من الخوف سوى الخوف على مستقبل الأجيال القادمة من الضياع، متحررين من الخضوع سوى الخضوع لله ثم للشعب، ومن الطمع سوى الطمع في الحرية والكرامة والمواطنة المتساوية.
اليوم ونحن نقف بين يدي سبتمبرنا المجيد نتذكر أهداف الثورة ومبادئها النبيلة وندرك أن الثورة لازالت مستمرة وسوف تستمر، طالما أهداف الثوار التي خطوها بدمائهم لازالت محاطة بمكر وخديعة الكهنوت والإمامة، مهددة من إرث السلالة وأحفاد الرجعية الذين أطلوا علينا مرة أخرى في لحظة من الغفلة الوطنية، متوشحين سلاح النفاق والعمالة، متسربلين بثياب الموت والقتل والرجعية والانحطاط.
الثورة مستمرة والوعي الوطني حاضر ومستمر والمقاومة الشعبية قاطرة الاجتماع الوطني حول الثورة وثوابتها ومكتسباتها، والمقاومة الشعبية هي الامتداد الطبيعي لثورة السادس والعشرين من سبتمبر ومبادئها الخالدة، فالمقاومة اليوم هي الممثل للإرادة الشعبية الحرة والمستقلة التي تخلقت في رحمها ثورتنا المجيدة في 1962 ، وتتخلق في أحشائها براكين الفعل الوطني الكبير الذي سيعيد الأمور إلى نصابها والدولة إلى مؤسساتها وعجلة التطور والنهوض المتوقفة إلى مسارها الصحيح.